ت + ت - الحجم الطبيعي كان أبو تمام حبيب بن أوس الطائي، الشاعر الشهير، في رحلة إلى خراسان. وبينما هو في طريق عودته إلى بغداد، دخل مدينة همذان فاستضافه أبو الوفا بن سلمة. ولم يلبث الطقس أن ساء ونزلت الثلوج، فاضطر أبو تمام للبقاء حتى تتحسن أحوال المناخ. فأراد المضيف ابن سلمة، أن يخفِّف عنه، وبذا أمدَّه بكتب الأدب التي في خزانته. فاشتغل عليها أبو تمام، وقضى وقته في عمل مختارات من الشعر العربي، حتى انتهى من كتابين كبيرين: كتاب "الحماسة"، كتاب "الوحشيات". وظلت هذه المختارات زمناً طويلاً في حوزة آل سلمة، حتى خرجت هذه المختارات. ديوان الحماسة حمل العصر العباسي بذور التغيير والتجديد على المستويات كافة، ما أدى إلى تطور الأذواق. وكان من أثر ذلك التغير، ابتعاد القارئ العربي عن مطالعة المطولات الشعرية. واستعاض عنها بالمقطوعات القصيرة التي تتلاءم مع ذوقه، من حيث الشكل والمضمون. وهكذا صار الشعراء يهتمون بالمقطوعات القصيرة. وأخذ بعض كبار الأدباء والنقاد يجمعون من هذه القصائد ما يحلو لهم، ورتبوها حسب المعاني الشعرية لتشمل الأغراض المختلفة. وأقدم هذه الاختيارات ما جمعه أبو تمام واشتهر عن المتأخرين، وعرف باسم "الحماسة"، تسمية له بأول أبوابه "ثلث الكتاب".
ديوان ابي تمام الطائي حبيب بن اوس يا لها من مكتبة عظيمة النفع ونتمنى استمرارها أدعمنا بالتبرع بمبلغ بسيط لنتمكن من تغطية التكاليف والاستمرار أضف مراجعة على "ديوان ابي تمام الطائي حبيب بن اوس" أضف اقتباس من "ديوان ابي تمام الطائي حبيب بن اوس" المؤلف: أبو تمام حبيب بن أوس الطائي الأقتباس هو النقل الحرفي من المصدر ولا يزيد عن عشرة أسطر قيِّم "ديوان ابي تمام الطائي حبيب بن اوس" بلّغ عن الكتاب البلاغ تفاصيل البلاغ جاري الإعداد...
نموذج نلحظ في هذا الكتاب لأبي تمام، أنه ورغم استجادته لِما يخالف طريقة شعره، فهو ينتقي أحياناً من الأبيات، ما يتّفق مع ميله للتّكلّف والتصنّع والبديع والغوص في أعماق المعاني. وهذان البيتان يثبتان ذلك.. يقول شاعر مجهول: وإنّا لتصبح أسيافنا إذا ما اصطحبن بيوم سفوك منابرهنّ بطون الأكفّ وأغمادهنّ رؤوس الملوك ففي هذين البيتين قصّة معركة.. وهكذا يقول الشّاعر: ها نحن سيوفنا عطشى تريد شرب الدّماء بدل الخمرة، تريد النجيع في يوم يسفك فيه الدّم، تريد تأديب القوم وتقف على منبر هو بطن الأكفّ، فتزجر فيه وتعظ ولن تعود إلى غمدها الحقيقي، بل ستكون رؤوس الملوك أغمادها. وفي بيتين قصيرين، استعمل فيهما من أنواع المجاز والاستعارة الكثير، فهو تارة يشخّص السيوف إنساناً ظامئاً، وأخرى يجعل اليوم سفوكاً، لأنّ السّفك يحدث فيه (مجاز)، وفي أخرى يجعل السّيف خطيباً (استعارة). وهذا هو في غمده، ولكنّه ليس في الغمد المعدني المعروف، بل غمده هذه رؤوس الملوك (استعارة أيضاً). وهذه ألفاظ البيت كأنّها فوارس انتصبت على أفراسها، وهو ما يصوّر حالة الشّاعر في الحرب.. ومن بين الذي يتّفق مع ميل أبي تمّام للتصنّع (حسب رأي بعض النقاد)، وكذا لاستعمال الحروف القوية والألفاظ الضخمة واللهجة الخطابية.
سورة فاطر مكتوبة, 2024