سياسة الحلم لا بطش يكدرها فهو المهيب ولا تخشى بوادره فالعفو إسقاط حقك جوداً، وكرماً، وإحساناً مع قدرتك على الانتقام، فتؤثر الترك، رغبة في الإحسان ومكارم الأخلاق. بخلاف الذل، فإن صاحبه يترك الانتقام عجزاً، وخوفاً، ومهانة نفس، فهذا غير محمود، بل لعل المنتقم بالحق أحسن حالاً منه، لأن من الناس من بلغت به الرقاعة واللؤم أن يفسر الإكرام والإعضاء بالضعف، وعليه يحمل قول أبي الطيب المتنبي: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا وقول الشريف الرضي: في الناس إن فتشتهم من لايعزك أو تذله فاترك مجاملة اللئيم فإن فيها العجز كله ومعنى قوله: (أو تذله): إلا أن تذله، كما في الشاهد النحوي: وكنت إذا غمزت قناة قوم كسرت كعوبها أو تستقيما أي: إلا أن تستقيما. وهذا راجع إلى حكمة الإنسان، وتقديره الأمور، وتدبره للعواقب، فيعرف متى يأخذ بالحزم، ومتى يأخذ بالحلم. * جامعة القصيم
ولا ريب أن للمطاع مع الناس ثلاثة أحوال: أحدها: أمرهم ونهيهم بما فيه مصلحتهم. الثاني: أخذه منهم ما يبذلونه مما عليهم من الطاعة. الثالث: أن الناس معه قسمان: موافق له مُوالٍ، ومعادٍ له معارض. وعليه في كل واحد من هذه واجب. فواجبه في أمرهم ونهيهم: أن يأمر بالمعروف. وهو المعروف الذي به صلاحهم، وصلاح شأنهم. وينهاهم عن ضده. وواجبه فيما يبذلونه له من الطاعة: أن يأخذ منهم ما سهل عليهم، وطوعت له به أنفسهم، سماحة واختيارًا. ولا يحملهم على العنت، والمشقة، فيفسدهم. وواجبه عند جهل الجاهلين عليه: الإعراض عنهم، وعدم مقابلتهم بالمثل والانتقام منهم لنفسه. ثم قال تعالى: {وأمر بالعرف} [الأعراف:199]، وهو كل معروف. وأعرفه: التوحيد، ثم حقوق العبودية وحقوق العبيد. ثم قال تعالى: {وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف:199]، يعني: إذا سفه عليك الجاهل، فلا تقابله بالسفه، كقوله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} [الفرقان:63]. وعلى هذا؛ فليست بمنسوخة، بل يعرض عنه مع إقامة حق الله عليه، ولا ينتقم لنفسه، وهكذا كان خلقه صلى الله عليه وسلم. اهـ. باختصار من مدارج السالكين.
فكانت النتيجة بدلا من الشفاء العاجل حصلت له مضاعفات وكاد أن يهلك! فإذا كان أمر هذا المريض الجاهل عجيبا ومضحكا فالجهل في أمر العبادة أعجب وأكثر ضحكا! فلو نظرت إلى حال الحجاج في رمي الجمرات لرأيت العجب العجاب، فلقد أمروا بأن يرموا سبع حصيات وإذا بالجهلة منهم يرمون بالعلب الفارغة وقناني المياه والشمسيات والنعال وبالحجارة الكبيرة ويشتمون ويلعنون ويؤذون الحجاج فإذا قلنا هذه التصرفات من البدع وليس لها أصل في السنة فهل يحق لأحد أن يقول والسيارة بدعة والإنترنت لا أصل له في السنة؟! وختاما إليك أخي القارئ إضافة جديدة في موضوع القرقيعان أفادني بها أحد الأخوة هذا نصها:»سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن حكم القرقيعان، فقال: ينبغي ألا تفعل حتى لا يعتقد الصبيان أنها سنة«. (اقتضاء الصراط المستقيم- الشريط 21، الوجه الأول). هذا وأسأل الله أن يرزقنا الفقه في الدين ويهدينا الصراط المستقيم والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سالم بن سعد الطويل
قال الله تعالى: { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 40-43]، فجوّز الاقتصاص بالعدل، وندب إلى الفضل، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً { إن الله لا يضيع أجر المحسنين} [التوبة: 120]. وقد علم أنّ من دَيْدَن الفضلاء وأصحاب القلوب الحية، الفيئةَ بعد الإساءة، وإكرام المساء إليه، وإن كان بعض أولئك المسيئين لا يَمُت إلى العلم الشريف بكبيرِ صلة، روى الخطيب في تاريخ بغداد أن الزجاج وقع بينه وبين رجل من أهل العلم شر فاتصل، ونسجه إبليس وأحكمه، حتى خرج الزجاج معه إلى حد الشتم، فلم يكن من غريمه إلاّ أن كتب إليه: أبى الزجاجُ إلاّ شتمَ عرضي لينفعه فآثمه وضره وأقسم صادقاً ما كان حُرٌّ ليطلق لفظه في شتم حره ولو أني كررت لفر مني ولكن للمنون عَلَيَّ كَرَّه فأصبح قد وقاه الله شري ليوم لا وقاه الله شره قال الخطيب: فلما اتصل هذا بالزجاج قصده راجلاً حتى اعتذر إليه وسأله الصفح [1].
سورة فاطر مكتوبة, 2024